الجمعة، 8 يناير 2010

كيف تدير حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ؟ _ أذكر الله

كيف تدير حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ؟ _ أذكر الله: "
كيف تدير حلقة لتحفيظ القرآن الكريم ؟


أحمد عبد المحسن العساف


الحمد لله رب العالمين ؛ وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ؛ وبعد :


فيا أيها الأخوة الأفاضل الأماجد :


أيُ رجالٍ أُحادث الآن ؟
ألستم مَنْ يصدق عليه الحديث الصحيح " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " ؟ألستم من جعل الدنيا دَبْر أذنه وخلف ظهره وسعى بجُهدٍ وجَهدٍ وجهاد لتعليم فلذات الأكباد كتاب الله الكريم ؟
بلى ! أنتم كذلك نحسبكم والله حسبكم وحسيبكم ولا نزكي على الله أحدا ؛ ولذا فلكم من غالبية المجتمع كل الحب والتقدير والمؤازرة والدعاء ، فنسأل الله لكم التوفيق والسداد والمباركة في أنفسكم وأهليكم وذراريكم وفي أعمالكم وأعماركم وأموالكم ، وجعلنا الله وإياكم من قومٍ مباركين أينما كانوا مفاتيحَ للخير مغاليقَ للشر .
أيها الأخوة :


موضوعنا في هذا اللقاء : كيف تدير حلقةً لتحفيظ القرآن الكريم ؟


حيث سنتحدث عن الإدارة كعلمٍ وفنٍ وممارسةٍ ؛ ونحاول إنزال الموضوع على واقع الحلق قدْر الإمكان .
فما هو تعريف الإدارة ؟
الإدارة هي تحقيق الأهداف من خلال العمليات الإدارية الأربعة :
التخطيط ؛ التنظيم ؛ التوجيه ؛ الرقابة .


المستويات الثلاثة للإدارة :
• الإدارة العُليا : وأكبر مهماتها التخطيط .
• الإدارة الوسطى : ومهمتها الأساسية الإشراف .
• الإدارة الدنيا : وأهم مهماتها التنفيذ .
ولا يعني هذا أن الإدارة العليا لا تمارس التنفيذ وأن الإدارة الدنيا لاتشارك في التخطيط ؛ فلكل مستوى مشاركة وعمل حسب المناسب .


الالتزامات الثلاثة للإدارة :
• التزام باختيار العناصر الملائمة لتحقيق النتائج المطلوبة .
• التزام باستخدام هذه العناصر الاستخدام الأمثل .
• التزام بالاستمرارية وتحقيق التوازن بين متطلبات المدى القريب والمدى البعيد .


العمليات الإدارية :
أولاً : التخطيط
• تحديد الأهداف .
• وضع البرامج .
• إعداد الموازنات .
• كتابة الجدول الزمني .
وللتخطيط الاستراتيجي عدة أساليب ؛ فمنها :
أسلوب تحليل الأسئلة الحرجة : C . Q . M


ماذا يريد المجتمع من الحلْقة ؟
وماذا يريد الطالب منها ؟
ماذا نريد نحن من الحلْقة ؟
ما هو الموقف الحالي للحلْقة ؟ وما نوعية البيئات التي تتعامل معها ؟
مالذي يمكن عمله حتى نحقق أهداف الحلْقة بدرجة أكبر ؟


أسلوب تحليل البيئة : SWOT
S : مواطن القوة .
W : مواطن الضعف .
ويمثلان البيئة الداخلية للحلْقة .
مثلاً : كثرة المدرسين وتميزهم عامل قوة يجب استغلاله .
ومثلاً : قلة عدد المشرفين عامل ضعف يجب علاجه أو مراعاته عند التخطيط .
O : الفرص .
T : المخاطر .
ويمثلان البيئة الخارجية للحلْقة .
مثلاً : بناء جامع كبير في الحي فرصة ينبغي استغلالها .
ومثلاً : إعادة بناء المسجد يستلزم البحث عن مكان جديد .
ويجب في البداية تحديد رسالة الحلقة ورؤيتها :
فتحديد الرسالة مهم في التخطيط .
مثلاً : نحن حلْقة لتحفيظ القرآن الكريم وتعليمه للشباب في مدينة كذا.
والهدف من الرسالة ملاحظة الانحرافات ؛ فمثلاً لو صرف مجموعة من الطلاب جهودهم لإصدار مجلة إسلامية للأطفال لقلنا لهم مكانكم ! نحن حلْقة تحفيظ ولسنا مؤسسة إعلامية ؛ بالرغم من تقديرنا للمؤسسات الإعلامية ذات التوجه الطيب ، وعلى هذا المثال قس .
ثم تحديد الرؤية لشحذ الهمم .
مثلاً :
تخريج أئمة الحرمين والجوامع الكبرى .
تخريج مدرسين متقنين للحلق .
ثم تحدد الأهداف الإستراتيجية للحلقة ؛ فمثلاً :
تخريج حفاظ متقنين من الشباب .


وبعدها توضع الأهداف المرحلية والبرامج العملية لتحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية فمثلاً يكون الهدف المرحلي
تخريج 10 حفاظ خلال سنة . أو : حفظ 10 أجزاء خلال سنة من قبل 30 حافظاً . ؛ وعند تحديد الأهداف المرحلية ووضع برامجها ينبغي التأكد من تحقق صفات الهدف فيها ؛ وهي مجموعة في كلمة :
SMART
حيث تعني S أن يكون الهدف محدداً ؛ فلا تقل هدفنا تعليم الناس الخير لتنوع الخير وكثرته ولكن حدد هدفك بتحفيظ القرآن الكريم .
M تعني القابلية للقياس ؛ فنحدد عدد الأجزاء المطلوب حفظها كل سنة ( مثلاً 10 أجزاء من قبل 30 طالباً ) .
: Aيمكن تحقيقه ؛ فلا يكون الهدف مستحيلاً . ويكون هدفاً متفقاً عليه .
R : يكون الهدف واضحاً ؛ واقعياً ؛ مكتوباً ؛ متذكراً .
والمعنى أن يكون الهدف غير غامض ويفهمه من يقرأه؛ ويكون واقعياً حسب قدرة الحلْقة ؛ ولا يكتفى بحفظه بل يكون مكتوباً ليسهل الرجوع إليه ؛ ويكون الهدف حاضراً في الذاكرة بحيث توجه لتحقيقه الأعمال .
T : الوقت والتحدي ؛ ويعني تحديد زمان لتحقيق الوقت لنتمكن من القياس ، فيقال هذه الخطة : سنوية ؛ ثلاثية ؛ خمسية ، ويكون الهدف فيه روح التحدي والمثابرة لاستحثاث الهمم فلا يكون هدفاً سهلاً يستطيعه الضعيف قبل القوي .
تنقسم الأهداف إلى أهداف استراتيجية بعيدة المدى وهذه قد يستحيل التنازل عنها ؛ وأهداف تكتيكية مرحلية قصيرة المدى ويمكن تغييرها حسب الظروف . ويجب أن تتناسب هذه الأهداف مع الأهداف الكبرى التي يقوم عليها العمل مثل : إعداد وتربية جيل قرآني ؛ تقويم سلوك الشباب وحمايتهم من الانحراف ؛ ... الخ .
ترتب الأهداف حسب الأولويات ؛ ويعتنى بأهمها .



ثانياً :التنظيم
• رسم هيكل التنظيم الإداري . انظر الشكل الملحق .
• التوصيف الوظيفي : ليعرف كل عامل مهمته وواجباته وسلطاته ومعايير تقييمه ومرجعيته الإدارية .
• اختيار الأشخاص المناسبين لكل مهمة وتكون البداية بإسناد المهمة الأيسر للموظف الأقل خبرة .
• تحديد العلاقات بين المسؤولين .
رسم الهيكل التنظيمي يكون قبل توزيع المهام .
عند توزيع المهام نبدأ بالمهمة الأيسر لتبقى المهمة الكبيرة للرجل المميز .
توصيف الوظائف مهم جداً ؛ وعليه ينبني تحديد المسؤوليات والسلطات والصلاحيات .
لابد من تسمية نائب للمشرف على الحلْقة من أحد المساعدين الثلاثة ؛ وينبغي أن يتولى هذا المساعد جميع وظائف المساعدين ليطلع على سير العمل من جميع جوانبه فيسهل عليه تصوره مستقبلا عندما يصير المشرف العام ؛ وهدف آخر يتمثل في صرف تركيزه على جانب واحد فقط إذا تولى الإشراف العام لأن هذا الجانب هو المعروف لديه بدقة وباقي الجوانب مجهولة .
من خلال الهيكل يتألف فريق عمل ناجح ومؤثر ؛ ولفريق العمل الناجح سمات ولكل سمة درجة ومن خلال مجموع الدرجات تتحدد فعالية الفريق من عدمه ؛لكننا نكتفي بالصفات المجموعة في قولنا :
MAGIC
M: تعني المهمة والرؤية المشتركة للفريق ؛ بحيث يحمل أعضاء الفريق هماً واحداً .
A : القبول للعمل وللعضوية وللزملاء .
G :المصداقية أو القواعد العامة ؛ مثل التصويت والاجتماعات إلخ...
I : مواطن القوة ؛ بحيث يتمتع كل فرد بميزة على قاعدة " نتكامل ولا نكرر بعضنا " .
C : الالتزام بما يتفق عليه ؛ فيذوب رأي الفرد في اتفاق المجموع .
ويؤكد الإداريون على أن يشمل كل فريق ثلاثة أنواع من الناس هي : القيادي المتفرد والتحليلي والإبداعي ويلاحظ غياب العاطفي إذ لاحاجة له غالباً .


ويقولون : إذا كنت أنت ومديرك دائماً على رأي واحد فأحدكما لا داعي له . وهذه ليست دعوة للمخالفة من أجل المخالفة ؛ ولكنها دعوة لإبداء الرأي الذي نعتقده بصراحة مؤدبة .


ونحن نرفض أسلوب : وافق أو نافق أو فارق .


ثالثاً : التوجيه :
• التحفيز والدعم : ويشمل التحفيز الجانب الإنساني والتدريب والمشاركة .
• القيادة .
• الاتصال .
• توفير المعلومات : ويجب أن يكون تدفق المعلومات إنسيابياً ومن سياسات المؤسسة .
يعد الفشل في الاتصال وباء الإدارة المعاصرة .
من أساليب القيادة أسلوب التوجيه والدعم ؛ بحيث يزداد التوجيه لمن لا يملك الخبرة ؛ ويزداد الدعم لمن ضعفت حماسته ؛ أما من كانت خبرته وحماسته عالية فيفوض مباشرة .
رابعاً : الرقابة :
• تحديد المعايير الرقابية .
• قياس الأداء .
• تشخيص المشكلات .
• اتخاذ القرارات .


سياسات مهمة :
• لتكن الأهداف والرؤية والرسالة واضحة معروفة وحاضرة في الأذهان .
• لتكن المسؤوليات والصلاحيات واضحة غير متشابكة .
• التدريب استثمار لا يترك والتفويض قرينه الذي لاينفك .
• مراقبة البيئة ومتابعة المستجدات في مجال الحلْق .
• استخدام التقنيات الجديدة إن في الحفظ والمراجعة أو في المتابعة والتقارير .
• لا بد من مراقبة الانحرافات عن الأهداف والرسالة وتعديل المسار حالاً .
• الاستفادة من تجارب الحلق الأخرى .
• التجديد والإبداع مطلب ملح .
• التواصل المستمر مع أولياء الأمور بالتقارير وعرض الأنشطة .
• الاتصال المستمر مع مَنْ يدعم الحلْقة وإبراز الإنجازات .
• لابد من التعاون المثمر مع الجمعية وفروعها .
• ضرورة الضبط التربوي والإداري والمالي .
• إيجاد مناخ عمل آمن ملائم مناسب .
• العناية بالجوانب الإعلامية من حيث إعداد الملاحق الصحفية والبرامج المسموعة والمرئية .
• الاستفادة من العالم الموازي : الانترنت .
• أهمية عمليات المراجعة المستمرة والتقويم الفصلي لعمل الحلْقة .
• قد يحسن تأليف مجلس إشرافي على الحلقة يضم إمام المسجد وعلماء ووجهاء الحي وأهم المتبرعين إضافة للمشرف العام .
• يجب اعتماد فلسفة الوفرة والابتعاد عن فلسفة الندرة ؛ فبدلاً عن المسجد يوجد ألف مسجد ، وغير المدرس الفلاني يوجد مئات المدرسين وهكذا .
• يقع على عاتق مشرف الحلقة والعاملين معه أمانة المحافظة على الشباب من الانحراف وحماية الحلق من الاختراق حتى لا تكون مكاناً لنشر أي فكر أفسده غلو أو جفاء .


وأخيراً :
فهذه أسباب والتوفيق من عند الله سبحانه ؛ فأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يريكم ثمار غراسكم الطيب في الدنيا مع ما يدخره لكم في الآخرة من المثوبة وحُسن العاقبة ؛ والسلام عليكم .

"